تدوين الحديث وتاريخ الفقه - الحاج حسين الشاكري - الصفحة ٦٣
وقد أدى الازدهار الفكري والعلمي نتيجة الالتفاف حول شخصية الإمام الصادق (عليه السلام) في الكوفة والحضور عنده إلى أن يأخذ الجهاز العباسي الحاكم حذره منه، إلى الحد الذي خشي المنصور الدوانيقي أن يفتتن به الناس (على حد تعبيره) لما رأى من إقبال الفقهاء والناس عليه عامة، واحتفائهم به وإكرامهم له، فطلبه إلى بغداد في قصة طويلة أعرض عنها روما للاختصار، إلا أني وجدت من المناسب أن أذكر الحوار الذي جرى بين الإمام الصادق (عليه السلام) وبين المنصور، وهو لا يخلو من فائدة.
فقد جاء في السير أن المنصور الدوانيقي كتب إلى الإمام الصادق (عليه السلام): لم لا تغشانا كما يغشانا الناس؟
فأجابه الإمام (عليه السلام): " ليس لنا من الدنيا ما نخافك عليه، ولا عندك من الآخرة ما نرجوك به، ولا أنت في نعمة فنهنيك، ولا في نقمة فنعزيك، فماذا نصنع عندك؟! ".
فكتب إليه المنصور: تصحبنا لتنصحنا.
فأجابه الإمام (عليه السلام): " من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك ".
فقال المنصور: والله ميز عندي منازل الناس، من
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»