العباسية وثبت دعائم حكمها، وأخضع الخارجين عليها في كل أرجاء (الإمبراطورية) بالحديد والنار والنفي والتعذيب وملأ السجون، وقد كشرت عن أنيابها، وكشفت قناعها الحقيقي، ولم تعد دولة دينية كما دعت إليها في بدء نهضتها في صراعها مع الحكم الأموي البغيض.
وغصبت هذه الدولة حق أبناء علي (عليه السلام) والتي قامت باسمهم، ورفعت شعارهم " الرضا من أهل البيت "، وكان أحق بها منهم الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وكان الإمام (عليه السلام) عازفا عنها لمعرفته بحقيقة أمر بني العباس وزيف دعواهم، وعزوفه ورفضه فكرة التعاون الإيجابي بصراحة مع القوى المعارضة للحكم الأموي، والاكتفاء بالوقوف قريبا من الأحداث، والتطلع بحذر إلى ما يجري في الساحة وما ستتكشف عنه الوقائع بين الطرفين المتنازعين، لا يعني هذا عدم استجابة الإمام لنداء الأمة الصامت بالتخلص من مأسي الحكم الأموي البغيض وتجاوزاته التي أغفلت دور الرسالة في صنع الحياة الكريمة المعطاء للإنسان المسلم.
ولم تكن دوافع الإمام في اعتزاله وعزوفه عن