المجازر والتعصبات الطائفية في عهد الشيخ المفيد - الشيخ فارس الحسون - الصفحة ٧٨
وأما قولك: إنه أضاف إليه بذكر الصحبة، فإنه أضعف من الفضلين الأولين، لأن اسم الصحبة يجمع بين المؤمن والكافر، والدليل على ذلك قوله تعالى: " قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ".
وأيضا فإن اسم الصحبة تطلق بين العاقل وبين البهيمة، والدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل القرآن بلسانهم فقال الله عز وجل: " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه " أنهم سموا الحمار صاحبا، فقالوا:
إن الحمار مع الحمار مطية * فإذا خلوت به فبئس الصاحب وأيضا قد سموا الجماد مع الحي صاحبا، قالوا ذلك في السيف شعرا:
زرت هندا وذاك غير اختيان * ومعي صاحب كتوم اللسان يعني: السيف.
فإذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن والكافر، وبين العاقل والبهيمة، وبين الحيوان والجماد، فأي حجة لصاحبك فيه؟!
وأما قولك: إنه قال: (لا تحزن ". فإنه وبال عليه ومنقصة له ودليل على خطئه، لأن قوله: (لا تحزن " نهي وصورة النهي قول القائل: لا تفعل لا يخلو أن يكون الحزن وقع من أبي بكر طاعة أو معصية، فإن كان طاعة، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينهى عن الطاعات، بل يأمر بها ويدعو إليها، وإن كان معصية، فقد نهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها، وقد شهدت الآية بعصيانه، بدليل أنه نهاه.
وأما قولك: إنه قال: " إن الله معنا "، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر أن الله معه، وعبر عن نفسه بلفظ الجمع، كقوله: " إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ".
وقيل أيضا في هذا: إن أبا بكر قال: يا رسول الله حزني على أخيك علي بن
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»