الغيبة - الشيخ محمد رضا الجعفري - ج ١ - الصفحة ٢٤
العصر غلبة فيزيائية، فالله سبحانه وتعالى يقول: (أفكلما جاءكم رسول) يخاطب اليهود ﴿بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون﴾ (١)، أمن الصحيح لكم هذا الخلق الذي سرتم عليه أيها اليهود بأنكم تحبون أن يكون الله سبحانه وتعالى هو الذي يؤمن رغباتكم، لا أنه هو الذي يهيمن عليكم، (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون) يؤكدها في آية أخرى: ﴿كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون﴾ (٢)، ﴿قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين﴾ (3)، آيات كثيرة تؤكد أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسلا، كذبوا، كذب بعض وكذب آخرون وقتلوا، لا أن اليهود كانوا يقتلون الذين يصفونهم بالصدق من الأنبياء الصادقين الذين يؤمنون بصدقهم، والذين يبقون على حياتهم كانوا يكذبونهم.
إن الله سبحانه وتعالى يريد أن يقول لليهود بأنكم إن جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم أنتم تجدون أنفسكم أكبر من الله سبحانه وتعالى، فإنكم ترون أن أنفسكم هي التي تفرض على الله سبحانه وتعالى أن يلبي رغباتكم كما تشتهون، لا أن الله سبحانه وتعالى يكون هو المهيمن عليكم كما يحب ويحكم به عدله وحكمته، ففريقا اكتفيتم بتكذيبهم لأنكم لم تتمكنوا من قتلهم أو لعوامل أخرى، وفريقا آخرين كذبتم وقتلتم.

(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست