المتخصصين في هذه العلوم، ليتابع كل متخصص مادة تخصصه، ويوافق المؤلف عن بينة، أو يخالفه عن بينة وإذا فاتني أن أخوض في هذا المجال، وإن أعرض لموضوع الكتاب عرضا تحليليا اتكالا على همة المتخصصين الذين أطمع في أن يتناولوا الكتاب بكل ما هو جدير به منه عناية واهتمام، فما أحب أن يفوتني أن أقول كلمة ما أراها إلا متابعة لما جاء في رسالتي بين الشيعة وأهل السنة تلكم هي أن المؤلف - رضي الله عنه - يدعي سبق الشيعة في تأسيس العلوم الدينية والعربية ويقدم بين يدي دعواه أدلة تبررها، ويدور كتابه حول بسط هذه الدعوى، وإيضاح أدلتها، والناس أمام هذه الدعوى فريقان:
فريق المتعلمين: وهؤلاء لا يهتمون بواضع العلوم ومؤسسيها، وإنما يهتمون بالعلوم نفسها، ويستوي لديهم أن يكون المؤسسون لهذه العلوم هم الشيعة وحدهم أو هم أهل السنة وحدهم، أو هؤلاء وهؤلاء.
وفريق العلماء: وهؤلاء كما يهتمون بالعلوم ذاتها، يهتمون بنشأتها ومنشئيها والأطوار التي تواردت عليها إذ أن العلوم لها نشأة عظماء الرجال، لهذا كان لها تاريخ كتاريخ عظماء الرجال كذلك.
ولهؤلاء أقول: إن كتاب الشيعة وفنون الإسلام جهد مشكور قام به صاحبه رضي الله عنه مساهمة منه في المهمة المنوطة بأعناق علماء الإسلام تلكم هي التاريخ لعلوم الإسلام، وما تستتبعه من علوم أخرى فلا ينبغي أن يقابل هذا الجهد الجبار بنظرة سطحية تعتمد على عدم المبالاة وعدم الاكتراث. لا ينبغي أن يقال مثلا هذه عصبية أو هذا تحد أو نحو ذلك من أساليب القول التي يحتمي بها من لا يريد أن يجشم نفسه مشقة البحث والنظر. نعم لا ينبغي أن يقال هذا ولا شيء منه، لأنه لا داعي للعصبية، ولا داعي للتحدي لأن الشيعة كأهل السنة مسلمون