الأصفهاني كان من وجوه الشيعة وأبو الأسود الدؤلي، قال ابن بطريق في العمدة: هو من بعض الفضلاء الفصحاء من الطبقة الأولى من شعراء الإسلام وشيعة علي بن أبي طالب عليه السلام وليس في المولدين أشهر اسما من الحسن أبي نواس ثم أبي تمام حبيب والبحتري فقد أخملا في زمانهما خمس مائة شاعر كلهم مجيد كما في عمدة ابن رشيق حتى قال الشاعر:
إن تكن فارسا فكن كعلي * * * أو تكن شاعرا فكن كابن هاني وأول من قيل لشعره سلسلة الذهب هو البحتري، وأول من قيل فيه صيقل المعاني أبو تمام، وهو أول من بوب مختاراته من شعر العرب على ثمانية أبواب أولها الحماسة ويتبعهما في الاشتهار ابن الرومي والكل من الشيعة تراجمهم في الأصل وفي طبقة أبي نواس من فحول شعراء أصحابنا أبو الشيص والحسين بن الضحاك الخليع ودعبل ونظراء هؤلاء.
وفي طبقة حبيب والبحتري من فحول شعراء أصحابنا ديك الجن وهو شاعر الشام، قصد داره دعبل الخزاعي فكتم نفسه عنه خوفا من قوارصه ومشارته، فقال دعبل: ماله يستتر وهو أشعر الجن والإنس، أليس هو الذي يقول:
بها غير معلول فداو خمارها * * * وصل بعشيات الغبوق ابتكارها ونل من عظيم الردف كل عظيمة * * * إذا ذكرت خاف الحفيظان نارها فظهر إليه واعتذر له وأحسن نزوله.
وهما ممن لم ينتجعا بشعرهما خليفة ولا أميرا ولا غيرهما وتقدما بهذا الشرف على طبقتهما.