الزيارة في الكتاب والسنة - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤٤
بوجه آخر ونقول:
لو كانت هذه الآية هي الوحيدة في هذا المجال، لذهبنا إلى القول بأنها خاصة بحياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومدة تواجده بين الناس، ولكننا نستخلص منها حكما عاما شاملا لا يختص بالحياة الدنيوية وذلك من خلال ما يلي:
أولا: إن القرآن الكريم يصرح بحياة الأنبياء والأولياء - وجماعات أخرى - في البرزخ ويعتبرهم مبصرين وسامعين في ذلك العالم.
ثانيا: إن الأحاديث الشريفة تصرح بأن الملائكة تبلغ خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) سلام من يسلم عليه، فقد جاء في الصحاح:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام (1).
وقال (صلى الله عليه وآله): صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم (2).
ثالثا: إن المسلمين - منذ ذلك اليوم - فهموا من هذه الآية معنى مطلقا لا ينتهي بموت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أن بعض الأعراب - بوحي من أذهانهم الخالصة من كل شائبة - كانوا يقصدون قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويزورونه ويتلون هذه الآية عند قبره المطهر ويطلبون منه الاستغفار لهم.
وقد ذكر تقي الدين السبكي في كتاب شفاء السقام

(١) سنن أبي داود ١: ٤٧٠ و 471، كتاب الحج، باب زيارة القبور.
(2) الشيخ منصور علي ناصف، التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول 2 : 189.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»