إذن هلم معي نحاسب هذا المنع، هل يوافق السيرة العملية للمسلمين أو لا؟
وقبل كل شئ نقول: إن الإقسام بغير الخالق لا يعد شركا ولا الحالف، لما عرفت ما قررناه من معيار الشرك أو التوحيد، وإنما الكلام في جوازه وعدمه فنقول:
لا شك أن الله سبحانه مدح جماعة بقوله:
(الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار) (آل عمران - 17).
فلو قال الرجل في عدواته ومناجاته: اللهم إني أسألك بحق المستغفرين بالأسحار إلا غفرت لي ذنوبي، فهل ارتكب شركا، ولماذا يكون عمله هذا شركا؟ وقد سبق أن عرفت ملاك الشرك في العبادة، وأنه إنما يتحقق عنوان الشرك العبادي إذا كان الداعي يعتقد الألوهية والربوبية في مدعوه فهل - في الصورة التي ذكرناها - يعتقد المتكلم في من يقسم بهم على الله غير ما يصفه الله بهم، إذ يقول (المستغفرين بالأسحار)؟.
إن الشرك والتوحيد لم يناطا بنظرنا فليس متروكا لنا أن نعد عملا شركا وآخر توحيدا، وهذا مشركا، وذاك موحدا، فقد عرف القرآن الميزان الواقعي للشرك والتوحيد في موارد كثيرة، فالمشرك هو من يصفه الله بقوله:
(وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون) (الزمر - 45).
والمشرك هو الذي يصفه القرآن الكريم أيضا بقوله:
(إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون * ويقولون أئنا لتاركو