التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٢٤
وقد أفتى بعض أئمة المذاهب الأربعة بجواز ذلك أيضا، فقد جاء في " الفقه على المذاهب الأربعة " ما يلي:
" الحنفية قالوا: الحلف بنحو أبيك ولعمرك ونحو ذلك جاز على كراهة.
الشافعية قالوا: يكره الحلف بغير الله تعالى إذا لم يقصد شيئا مما ذكر في أعلى الصحيفة (أي إشراك الله...).
المالكية قالوا: الحلف بمعظم شرعا كالنبي والكعبة ونحوهما فيه قولان: الحرمة والكراهة، والمشهور الحرمة.
الحنابلة قالوا: يحرم الحلف بغير الله تعالى وصفاته ولو بنبي أو ولي " (1). وعلى كل تقدير فسواء أجاز الحلف بغيره سبحانه أم لا، لا يعد شركا ولا الحالف مشركا.
لأن الحلف بشئ لا يدل على أن الحالف يعتقد بألوهيته وربوبيته وأقصى ما يعرف عنه أنه يعظمه ويكرمه، واختلاف الفتيا (الفتاوى) يعرف عن أن المسألة مختلف فيها، وهل يمكن اتهام المسلم بالشرك بعمل تضاربت فيه الفتيا؟!
نعم لا ينعقد الحلف بغيره سبحانه ولا يقضى في المحاكم إلا بالحلف به سبحانه، وهذا لا يعتبر دليلا على كون الحلف بغيره سبحانه وتعالى، شركا أو حراما.
2 - الإقسام بمخلوق أو بحقه:
لقد منع الوهابيون من الإقسام على الله بمخلوق من مخلوقيه، مثل أن يقول السائل: أقسم عليك بفلان، أو بحق فلان، أو أسألك بفلان أو بحقه، وهو - في نظرهم - نوع من التوسل.

(1) الفقه على المذاهب الأربعة: 2 / 75.
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 » »»