التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٦٢
يعتقدون بأن من يستشفعون بهم: عباد مكرمون لا يعصون الله وهم بأمره يعملون، وأنهم لا يملكون من الشفاعة شيئا، ولا يشفعون إلا إذا أذن الله لهم أن يشفعوا في حق من ارتضاه.
وبالجملة فإن تحقق الشفاعة منهم يحتاج إلى وجود أمرين:
1 - أن يكون الشفيع مأذونا في الشفاعة.
2 - أن يكون المشفوع له مرضيا عند الله.
فلو قال مسلم لصالح من الصالحين: (اشفع لي عند الله) فإنه لا يفعل ذلك إلا مع التوجه إلى كونه مشروطا بالشرطين المذكورين.
ثانيا: إن المشركين كانوا يعبدون الأصنام مضافا إلى استشفاعهم بها، بحيث كانوا يجعلون استجابة دعوتهم وشفاعهم عوضا عما كانوا يقومون به من عبادة لها بخلاف أهل التوحيد فإنهم لا يعبدون غير الله طرفة عين أبدا.
وأما استشفاعهم بأولئك الشفعاء فليس إلا بمعنى الاستفادة من المقام المحمود الذي أعطاه الله سبحانه لنبيه في المورد الذي يأذن فيه الله، فقياس استشفاع المؤمنين بما يفعله المشركون ليس إلا مغالطة. وقد مر غير مرة أنه لو كان الملاك التشابه الظاهري للزم أن نعتبر الطواف بالكعبة المشرفة واستلام الحجر والسعي بين الصفا والمروة موجبا للشرك وعبادة للحجر.
* * *
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»