التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٤٩
إن من سبر كتب الوهابية وعاش بين ظهرانيهم رأى بأن الاتهام بالشرك أكثر شئ تردده كتبهم وألسنتهم ومحافلهم، فلا يميل المرء يمينا أو شمالا إلا ويسمع أنهم يصفونه فورا بأنه مشرك وأن عمله بدعة وأنه بذلك مبتدع، بحيث إذا كان المقياس هو ما ذكروه أو يذكرونه في كتبهم ومحافلهم لما استطاع الإنسان أن يسجل كثيرا من المسلمين في ديوان الموحدين.
ترى ما هذا الضيق الذي أوجده الوهابيون في دائرة الأمة الإسلامية وهل هذا بدافع تحري الحقيقة، وتمييز الموحد عن المشرك، أو أن هناك أمورا سياسية وأحداثا تخلقها يد الاستعمار بهدف إيجاد التفرقة بين المسلمين، وتمزيق صفوفهم، وتفكيك العرى بينهم، ليتسنى له الوصول إلى مآربه ومطامعه؟ والله أعلم.
غير أننا نريد هنا أن نعرض هذا الأمر على كتاب الله وسنة رسوله، وسيرة خلفائه لنرى هل كتاب الله وسيرة النبي وخلفائه على هذا الضيق؟ الجواب هو كلا كما ستعرف..
* المرونة في قبول الإسلام:
إن من يلاحظ عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما تلاه من عصور التحول العقائدي والفكري يجد إقبال الأمم المختلفة ذات التقاليد والعادات المتنوعة على الإسلام
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 149 150 151 152 153 154 ... » »»