الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٧٥
فلاحظ المصادر (1). والتقية تغاير النفاق مغايرة جوهرية فالمنافق يظهر الإيمان ويبطن الكفر والمتقي يبطن الإسلام ويظهر الخلاف، فوالله العظيم * (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) * لو كان الشيعي آمن على دمه ونفسه وماله وأهله لما اتقى في ظرف من الظروف كما هو لا يتقي الآن في ظرف من الظروف للحرية السائدة على أكثر الأجواء.
4 - البداء:
إن الاختلاف في البداء اختلاف لفظي جدا عند التدبر وليس هناك خلاف جوهري بين الطائفتين، والمهم هو تفسيره، فأهل السنة يفسرونه بظهور ما خفى على الله سبحانه، ولو كان هذا معنى البداء فالشيعة ترده مثل أهل السنة.
والتفسير الصحيح لها هو: أن الله يظهر للناس ما كان قد أخفاه عنهم سابقا.
وبتعبير آخر أن المراد من البداء هو تغيير المصير في ظل الدعاء والأعمال الصالحة كالصدقة والاستغفار وصلة الرحم كما اتفق لقوم يونس، فأظهر الله ما خفي عليهم من الفرج والتحرر من الشدة حيث غيروا مصيرهم بالأعمال الصالحة قال سبحانه: * (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) * (يونس - 98) فظهرت لهم ما أخفى الله عنهم حيث كانوا مذعنين بالعذاب والهلاك، فظهرت لهم النجاة.
وأما وجه التعبير عن تلك الحقيقة الناصعة بما يتبادر إلى الذهن في بدء الأمر من ظهور ما خفى على الله فإنما لأجل الاقتداء بالنبي الأكرم فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أول من قال هذه الكلمة، وبما أن القرينة كانت موجودة لا يضر التبادر البدئي.

١. الطبري: جامع البيان: ٣ / 153، الزمخشري: الكشاف: 1 / 422، الرازي: مفاتيح الغيب: 8 / 13، النسفي:
التفسير، بهامش تفسير الخازن: 1 / 277، الآلوسي: روح المعاني: 3 / 121، جمال الدين القاسمي:
محاسن التأويل: 4 / 84.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»