لحياته، كرواة الأخبار والرجاليين والفقهاء وغيرهم ممن لا يستغنون عن معرفة حقائق الأمور بسبب خطر علومهم وعرفنا مع ذلك كم غيب عنهم طول الأيام وصعوبة الظروف وقائع وحقائق هم في حاجة إليها. فلو أدركنا ذلك وعرفنا العذر فيه بالنسبة للعلوم الخطيرة لهان علينا الأمر فيما نحن فيه ولما كان من المبالغة القول بأن ما غيبته الأيام عن النسابين فيما يتعلق بأولاد الأئمة عليهم السلام وبتفاصيل أعقابهم هو أكثر مما وصل إليهم منها، ولما عد القدح في البعض - ممن لم يتثبت عند الحكم ويطلق عنان القلم ليخط بيمينه ما شاء من غث الكلام و سمينه ثم يدعي الإجماع أو يرمي بالكذب من هو ليس بكاذب - طعنا محرما. ولعلمنا أيضا أن كتب الأنساب على أهميتها ليست بالوحي المنزل الذي لا رطب ولا يابس إلا فيه وإنما هي جهود متواضعة بذلت لا لشئ أوجبها في بداية أمرها بل لسنة كانت جارية شفاها بين الناس ثم أدركها فن التصنيف ورغبة ذوي الأقلام في تسطير ما سمعوه في أسفارهم ولم تكن فائدة علم النسب في بداياته تتجاوز الانتساب إلى القبيلة للافتخار أو تمييز أهل الفخر من غيرهم لذا نرى النسابين قبل فكرة تدوين نسب الطالبيين لا يتحدثون إلا عن الانتماءات القبلية لكونها الميزان في تقييم الأفراد.
نعم أصبح النسب مورد الحاجة بعد الأمر الإلهي بمودة قربى الرسول (ص) ولما كانت الظروف التي حكمت المسلمين منذ وفات الرسول (ص) إلى زمن تشكيل النقابات في العصر العباسي هي ظروف مخالفة لأهل البيت بحيث أباح الحكام سفك دمائهم ودماء شيعتهم ومحبيهم ولم يكن أحد ليتجرأ في التظاهر بالولاء ولا حتى أهل البيت