اختلاف الآراء في جوانب من حياة الإمام (ع) أشرنا في أول الكتاب إلى أن أهل السير والمؤرخين اختلفوا اختلافا كبيرا في جوانب هامة من حياة الإمام الباقر (ع). وقد ذكرنا هذا الكلام في معرض ردنا على من ادعى الإجماع على أن أولاد الإمام الباقر (ع) لم يخلفوا نسلا عدا الصادق (ع). وواعدنا هناك بأننا سوف نتعرض لهذه الاختلافات لنثبت أن الإجماع المذكور غير وارد أصلا وأن الذي يعجز عن تحصيل الإجماع في العناوين، لجدير بأن يكون عن تحصيله في الفروع أكثر عجزا. وها نفي بالوعد هنا فنقول: ليس من الغريب اختلاف المعنيين بإثبات تواريخ المواليد والوفيات، أو غيرها من التواريخ، لشخصيات في عمق التاريخ، ما دام الطريق إليهم وعر المسلك في مقاطع تموجه، دامس في مسير لياليه، فربما يبلغ قوم مناهم وقد يضل من تفرق به السبل. كما أن الهمم والمناهج تتفاوت بتفاوت الأهداف والأشخاص في مراتب الاحتياج الإنساني إذ منها ما هو ضروري جدا. ومنها ما دون ذلك وعلى هذا الأساس يتشكل هرم الرجال في التاريخ ويوضع كل نجم منها في أفقه الواقعي. وعليه ينبغي ترتيب الأولويات في البحث بحسب أهمية الطلب والمطلوب والطالب وبناء على هذا نقول:
إن نجم الإمام الباقر عليه السلام في سماء علوم الدين والأحكام التي لا غنى لأحد عنها من السطوع ما لا نحتاج معه إلى بيان والحاجة إليه أعظم من أن توصف بلسان، فأي فقيه لا يعنيه الإمام الباقر (ع)،