أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٧٧
من يجتمع معه في نسبه الأدنى إلى أمية بن عبد شمس.
كل هذه حقائق لا سبيل إلى إنكارها، وما نعلم أن ابن سبأ قد أغرى عثمان بتولية من ولى وعزل من عزل، وقد أنكر الناس في جميع العصور على الملوك والقياصرة والولاة والأمراء إيثار ذوي قرابتهم بشؤون الحكم، وليس المسلمون الذين كانوا رعية لعثمان بدعا من الناس، فهم قد أنكروا وعرفوا ما ينكر الناس ويعرفون في جميع العصور (1).
هكذا نرى أن الموارد التي يستنتج منها كون ابن سبأ شخصية وهمية خلقها خصوم الشيعة ترجع إلى الأمور التالية:
1 - إن المؤرخين الثقات لم يشيروا في مؤلفاتهم إلى قصة عبد الله بن سبأ، كابن سعد في طبقاته، والبلاذري في فتوحاته.
2 - إن المصدر الوحيد عنه هو سيف بن عمر وهو رجل معلوم الكذب، ومقطوع بأنه وضاع.
3 - إن الأمور التي نسبت إلى عبد الله بن سبأ، تستلزم معجزات خارقة لا تتأتى لبشر، كما تستلزم أن يكون المسلمون الذين خدعهم عبد الله بن سبأ، وسخرهم لمآربه - وهم ينفذون أهدافه بدون اعتراض - في منتهى البلاهة والسخف.
4 - عدم وجود تفسير مقنع لسكوت عثمان وعماله عنه، مع ضربهم لغيره من المعارضين كمحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أبي بكر، وغيرهم.
5 - قصة إحراق علي إياه وتعيين السنة التي عرض فيها ابن سبأ للإحراق تخلو منها كتب التاريخ الصحيحة، ولا يوجد لها في هذه الكتب أثر.
6 - عدم وجود أثر لابن سبأ وجماعته في وقعة صفين وفي حرب النهروان.

(1) الفتنة الكبرى: 134، ولاحظ الغدير أيضا 9: 220 - 221.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»