علومهم وتقدمهم في مجال العلم والصنعة للفاطميين وهممهم العالية، فإن الجامع الأزهر لا يزال مزدهرا من يوم بني إلى يومنا هذا باعتباره أعظم الجامعات العلمية (1)، وهي كانت جامعة شيعية من بدء تأسيسها إلى قرنين.
وإن شئت أن تقف على صورة صغيرة من خدماتهم الجليلة فاقرأ ما كتبه السيد مير علي حيث ذكر: " كان الفاطميون يشجعون على العلم، ويكرمون العلماء، فشيدوا الكليات، والمكاتب العامة، ودار الحكمة، وحملوا إليها مجموعات عظيمة من الكتب في سائر العلوم والفنون، والآلات الرياضية، لتكون رهن البحث والمراجعة، وعينوا لها أشهر الأساتذة، وكان التعليم فيها حرا على نفقة الدولة، كما كان الطلاب يمنحون جميع الأدوات الكتابية مجانا، وكان الخلفاء يعقدون المناظرات في شتى فروع العلم، كالمنطق والرياضيات والفقه والطب، وكان الأساتذة يرتدون لباسا خاصا عرف بالخلعة، أو العباءة الجامعية - كما هي الحال اليوم - وأرصدت للإنفاق على تلك المؤسسات، وعلى أساتذتها، وطلابها، وموظفيها، أملاك بلغ إيرادها السنوي (43) مليون درهم، ودعي الأساتذة من آسيا والأندلس لإلقاء المحاضرات في دار الحكمة، فازدادت بهم روعة وبهاء (2).
وقد ألف غير واحد من المؤرخين كتبا ورسائل حول الأزهر الشريف ومن أراد التفصيل فليرجع إليها.
8 - مدارس الشيعة في الشامات:
كانت الشيعة تعيش تحت الضغط والإرهاب السياسي من قبل الأمويين والعباسيين، فلما دب الضعف في جهاز الخلافة العباسية، وظهرت دول شيعية في العراق - خصوصا دولة الحمدانيين في الموصل وحلب - استطاعت الشيعة أن