منهم بدور كبير في تطوير العلوم وتقدمها، وكان يحضر في حلقات دروسهم مئات من المجتهدين والمحدثين من الشيعة والسنة.
واستمر هذا الحال إلى أن ضعفت سلطة البويهيين، ودخل طغرل بك الحاكم التركي بغداد، فأشعل نار الفتنة بين الطائفتين السنة والشيعة، وأحرق دورا في الكرخ، ولم يكتف بذلك حتى كبس دار الشيخ الطوسي وأخذ ما وجد من دفاتره وكتبه، وأحرق الكرسي الذي كان الشيخ يجلس عليه (1).
5 - مدرسة النجف الأشرف:
إن هذه الحادثة المؤلمة التي أدت إلى ضياع الثروة العلمية للشيعة وقتل العديد من الأبرياء، دفعت الشيخ الطوسي - رحمه الله - إلى مغادرة بغداد واللجوء إلى النجف الأشرف وتأسيس مدرسة علمية شيعية في جوار قبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، وشاء الله تبارك وتعالى أن تكون هذه المدرسة مدرسة كبرى أنجبت خلال ألف سنة من عمرها عشرات الآلاف من العلماء والفقهاء والمتكلمين والحكماء.
والمعروف أن الشيخ الطوسي هو المؤسس لتلك الجامعة العلمية المباركة، وهو حق لا غبار عليه، ومع ذلك يظهر من النجاشي وغيره أن الشيخ ورد عليها وكانت غير خالية من النشاط العلمي. يقول في ترجمة الحسين بن أحمد بن المغيرة: له كتاب عمل السلطان أجازنا بروايته أبو عبد الله بن الخمري الشيخ صالح في مشهد مولانا أمير المؤمنين سنة (400 ه) (2).
ولقد استغل الشيخ تلك الأرضية العلمية، وأعانته على ذلك الهجرة العلمية الواسعة التي شملت أكثر الأقطار الشيعية، فتقاطرت الوفود إليها، من كل فج،