ولما تسنم عمر بن عبد العزيز منصب الخلافة، أدرك ضرورة تدوين الحديث، فكتب إلى أبي بكر بن حزم في المدينة، أن يقوم بتدوين الحديث قائلا: إن العلم لا يهلك حتى يكون سرا (1).
ومع ذلك فلم يقدر ابن حزم على القيام بما أمر به الخليفة، لأن رواسب الحظر السابق المؤكد من قبل الخلفاء حالت دون أمنيته، إلى أن زالت دولة الأمويين وجاءت دولة العباسيين، فقام المسلمون بتدوين الحديث في عصر أبي جعفر المنصور سنة (143 ه)، وأنت تعلم أخي القارئ الكريم أن الخسارة التي لحقت بالتراث الإسلامي من منع تدوين السنة لا تجبر بتدوينه بعد مضي قرن ونيف، وبعد موت الصحابة وكثير من التابعين الذين رأوا النور المحمدي وسمعوا منه الحديث، ولم يحدثوا بما سمعوه إلا سرا ومن ظهر القلب إلى مثله.
أضف إلى ذلك أن الأحبار والرهبان والمأجورين للبلاط الأموي نشروا كل كذب وافتراء بين المسلمين.
اهتمام الشيعة بتدوين الحديث:
قام الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بتأليف عدة كتب في زمان النبي (صلى الله عليه وآله)، فقد أملى رسول الله كثيرا من الأحكام عليه وكتبها الإمام واشتهر بكتاب علي، وقد روى عنه البخاري في صحيحه في باب " كتابة الحديث " (2) وباب " أثم من تبرأ من مواليه " (3) وتبعه (عليه السلام) ثلة من الصحابة الذين كانوا شيعة له، وإليك أسماء من اهتم بتدوين الآثار وما له صلة بالدين، وإن لم يكن حديث الرسول.