ومع ذلك فالخلاف في الفروع ليس بالشئ الكثير فمن قرأ كتاب الانتصار للسيد المرتضى علم أنه ما اختلف فيه الشيعة وأهل السنة من الأحكام قليل واختلاف الرأي بين العلماء لا يصح أن يكون سببا مانعا من العلم بأسرار الاستنباط والوقوف على وجهات الأنظار في التخريج والاعتبار وليس هو كذلك ما عدا بين العلماء، ولا موسعا بهوة الخلاف.
فإن أهل السنة فيهم المذاهب الفقهية المتعددة ولكنهم يستفيدون ملكة الفقه بالاطلاع على الكتب التي تختص بعلم الخلاف والفقه المقارن.
وليس أضر على الدين من العصبية. ولا أشد فتكا بالعقول والرجال من سوء الظن والأنانية.
فالفقه الإسلامي لكل المكلفين شريعة واحدة يتعبد بها أهل الأمصار على اختلاف الأنظار فيا حبذا لو تبادل الشيعة وأهل السنة ما عندهم من العلم حتى إذا امتزج البحران ظهر منهما اللؤلؤ والمرجان.
نسأل الله أن يجمع الشتات. وأن يخلص لنا النيات. وأن يوحد الكلمة ويجمع القلوب على ما يشاء قدير وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه آمين.
القاهرة في:
15 من جمادى الآخرة سنة 1377 ه 5 من يناير سنة 1958 م كتبه عبد الوهاب عبد اللطيف المدرس في كلية الشريعة بالأزهر