امرئ مصري أن إشاعة هذه الكتب، وبث هذه المخاريق والنسب المفتعلة، ونشر هذه التآليف التافهة حياة للأمة المصرية، وإيقاظ لشعور شعبها المثقف، وإبقاء لكيان تلك الحكومة العربية العزيزة، وتقدم ورقي في حركاتها العلمية، الأدبية، الأخلاقية، الدينية، الاجتماعية؟
أسفا على أقلام مصر النزيهة، وأعلامها المحنكين، ومؤلفيها المصلحين، وكتابها الصادقين، وعباقرتها البارعين، وأساتذتها المثقفين، ورجالها الأمناء على ودايع العلم والدين.
أسفا على مصر وعلمها المتدفق، وأدبها الجم، وروحها الصحيحة، ورأيها الناضج، وعقلها السليم، وحياتها الدينية، وإسلامها القديم، وولائها الخالص، وتعاليمها القيمة، ودروسها العالية، وخلايقها الكريمة، وملكاتها الفاضلة.
أسفا على مصر وعلى تلكم الفضائل وهي راحت ضحية تلك الكتب المزخرفة، ضحية تلك الأقلام المستأجرة، ضحية تلك النزعات الفاسدة، ضحية تلك الصحائف السوداء، ضحية تلك النعرات الحمقاء، ضحية تلك المطابع المأسوف عليها، ضحية أفكار أولئك المحدثين المتسرعين ﴿الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد﴾ (1)، (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما