وليس في هذه الروايات أي ذكر لأبي طالب، وإنما المراد فيها الكفار الذين كانوا ينهون عن اتباع رسول الله أو القرآن، وينأون عنه بالتباعد والمناكرة، وأنت جد عليم بأن ذلك كله خلاف ما ثبت من سيرة شيخ الأبطح الذي آواه ونصره وذب عنه ودعا إليه إلى آخر نفس لفظه.
4 إن المستفاد من سياق الآية الكريمة أنه تعالى يريد ذم أناس أحياء ينهون عن اتباع نبيه ويتباعدون عنه، وأن ذلك سيرتهم السيئة التي كاشفوا بها رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم وهم متلبسون بها عند نزول الآية، كما هو صريح ما أسلفناه من رواية القرطبي وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر أبا طالب بنزول الآية.
لكن نظرا إلى ما يأتي عن الصحيحين فيما زعموه من أن قوله تعالى في سورة القصص: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) نزلت في أبي طالب بعد وفاته. لا يتم نزول آية ينهون عنه وينأون النازلة في أناس أحياء في أبي طالب، فإن سورة الأنعام التي فيها الآية المبحوث عنها نزلت جملة واحدة (1 بعد سورة القصص بخمس سور كما في الإتقان (2) (1، 17) فكيف يمكن تطبيقها على أبي طالب وهو رهن أطباق الثرى، وقد توفي قبل نزول الآية ببرهة طويلة؟
5 إن سياق الآيات الكريمة هكذا: (ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وأن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ر وهم ينهون عنه وينأون عنه