إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ٣٧٩
بما يتفق في هذه الحال، وما للمؤمن من الثواب على الصبر على ذلك والتمسك إلى أن يفرج الله عنهم (1).
فاكهة: إعلم أن بعض المخالفين يشنعوننا بأنه إذا لم يمكن التوسل إلى إمام زمانكم، ولا أخذ المسائل الدينية عنه فأي ثمرة تترتب على مجرد معرفته حتى يكون من مات وليس عارفا به فقد مات ميتة الجاهلية؟ والإمامية يقولون: ليست الثمرة منحصرة في مشاهدته وأخذ المسائل عنه، بل نفس التصديق بوجوده وأنه خليفة الله في الأرض أمر مطلوب لذاته، وركن من أركان الإيمان كتصديق من كان في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) بوجوده ونبوته.
وقد روي عن جابر بن عبد الله أن النبي (صلى الله عليه وآله) ذكر المهدي فقال: ذلك الذي يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها، يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت فيها إلا من امتحن الله قلبه للإيمان، فقلت: يا رسول الله هل لشيعته انتفاع به في غيبته؟ فقال (صلى الله عليه وآله): إي والذي بعثني بالحق إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن علاها السحاب (2).
ثم قالت الإمامية: إن تشنيعكم علينا مقلوب عليكم، لأنكم تذهبون إلى أن المراد بإمام الزمان في هذا الحديث صاحب الشوكة من ملوك الدنيا كائنا من كان، عالما أو جاهلا عدلا أو فاسقا، وأي ثمرة على معرفة الجاهل الفاسق ليكون من مات ولم يعرفه فقد مات ميتة جاهلية؟
فاكهة أخرى: حكى السيد صاحب المقام رضي الدين علي بن طاووس أنه اجتمع يوما في بغداد مع بعض فضلائه فانجر الكلام بينهما إلى ذكر الإمام محمد بن الحسن المهدي (عج)، وما تدعيه الإمامية من حياته في هذه المدة الطويلة، فشنع ذلك الفاضل على من يصدق بوجوده ويعتقد طول عمره إلى ذلك الزمان إنكارا بليغا. قال السيد (رحمه الله):
فقلت له: إنك تعلم أنه لو حضر اليوم رجل وادعى أنه يمشي على الماء لاجتمع لمشاهدته كل أهل البلد، فإذا مشى على الماء وعاينوه وقضوا تعجبهم منه، ثم جاء في اليوم الثاني آخر وقال: أنا أمشي على الماء أيضا فشاهدوا مشيه عليه، لكان تعجبه أقل من الأول.
فإذا جاء في اليوم الثالث آخر وادعى أنه يمشي على الماء أيضا، فربما لا يجتمع للنظر

1 - غيبة الطوسي: 335.
2 - أمالي الصدوق: 111 المجلس 23 ح 9.
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»