إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ٣٤٨
فلا.
قال القاسم: فما هو؟ قال: نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما وقد حمل إليه سبعة أثواب، فقال القاسم: في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك، فضحك (رحمه الله) فقال: ما اؤمل بعد هذا العمر، فقام الرجل الوارد فأخرج من مخلاته ثلاثة ازر وحبرة يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلا، وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن (عليه السلام)، وكان له صديق يقال له عبد الرحمن بن محمد السنيزي وكان شديد النصب، وكان بينه وبين القاسم نضر الله وجهه مودة في أمور الدنيا شديدة، وكان القاسم يوده وقد كان عبد الرحمن وافى إلى الدار لإصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمداني وبين ختنه ابن القاسم، فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه، أحدهما يقال له أبو حامد عمران المفلس والآخر علي ابن جحدران: إقرأ هذا الكتاب عبد الرحمن بن محمد فإني أحب هدايته وأرجو أن يهديه الله بقراءة هذا الكتاب. فقال له: الله الله الله فإن الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة فكيف عبد الرحمن بن محمد فقال: أنا أعلم أني مفش لسر لا يجوز لي إعلانه لكن من محبتي لعبد الرحمن بن محمد وشهوتي أن يهديه عز وجل لهذا الأمر هو ذا أقرئه الكتاب.
فلما مر ذلك اليوم وكان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب دخل عبد الرحمن بن محمد وسلم عليه، فأخرج القاسم الكتاب فقال له: إقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك، فقرأ عبد الرحمن الكتاب فلما بلغ إلى موضع النعي رمى الكتاب عن يده وقال للقاسم: يا أبا محمد اتق الله فإنك رجل فاضل في دينك متمكن من عقلك، والله عز وجل يقول: * (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت) * (1) وقال: * (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا) * (2) فضحك القاسم وقال: أتم الآية * (إلا من ارتضى من رسول) * ومولاي هو الرضا من الرسول، وقال: قد علمت أنك تقول هذا ولكن أرخ اليوم، فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرخ في هذا الكتاب فاعلم أني لست على شئ، وإن أنا مت فانظر لنفسك، فأرخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا وحم القاسم [في] اليوم السابع من ورود الكتاب واشتدت به في ذلك اليوم العلة واستند

(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»