وتبرأوا منه، حتى أنهم ليجتمعون في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيلعنون عليا علانية لا ينكر ذلك أحد ولا ينهر، فإن أنكر ذلك أحد منا حملوا عليه بأجمعهم وقالوا: هذا رافضي أبو ترابي، وأخذوه إلى سلطانهم وقالوا: هذا ذكر أبا تراب بخير، فضربوه ثم حبسوه ثم بعد ذلك قتلوه. فلما سمع الإمام صلوات الله عليه ذلك مني نظر إلى السماء فقال: سبحانك اللهم سيدي ما أحلمك وأعظم شأنك في حلمك وأعلى سلطانك يا رب قد أمهلت عبادك في بلادك حتى ظنوا أنك أمهلتهم أبدا وهذا كله بعينك، لا يغالب قضاؤك ولا يرد المحتوم من تدبيرك كيف شئت وأنى شئت وأنت أعلم به منا. قال: ثم دعا ابنه محمدا، قال: يا بني، قال:
لبيك يا سيدي. قال: إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) خذ معك الخيط الذي أنزل مع جبرئيل على جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا، الله الله فتهلك الناس كلهم.
قال جابر: فبقيت متفكرا متعجبا من قوله (عليه السلام) فما أدري ما أقول لمولاي، فغدوت إلى محمد وقد بقي على ليل حرصا على أن أنظر إلى الخيط وتحريكه فبينما أنا على الباب، إذ خرج الإمام فقمت وسلمت عليه فرد علي السلام وقال: ما غدا بك؟ فلم تكن تأتينا في هذا الوقت فقلت: يا بن رسول الله سمعت أباك يقول بالأمس خذ الخيط وصر إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فتهلك الناس كلهم. فقال: يا جابر لولا الوقت المعلوم والأجل المحتوم والقدر المقدور لخسفت والله بهذا المخلوق المنكوس في طرفة عين، لا بل في لحظة، لا بل في لمحة، ولكننا عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. قال: قلت له: يا سيدي ولم تفعل هذا بهم؟ قال: ما حضرت أبي بالأمس والشيعة يشكون إليه ما يلقونه من الناصبية الملاعين والقدرية المقصرين؟ فقلت: بلى يا سيدي. قال: فإني أرعبهم وكنت أحب أن يهلك طائفة منهم ويطهر الله منهم البلاد ويريح العباد. قلت: يا سيدي فكيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصوا؟ قال: إمض بنا إلى المسجد لأريك قدرة من قدرة الله تعالى، قال جابر: فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده على التراب وتكلم بكلمات ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا يفوح منه رائحة المسك وكان أدق في المنظر من خيط المخيط ثم قال لي: خذ إليك طرف الخيط وامش رويدا وإياك ثم إياك أن تحركه، قال: فأخذت طرف الخيط ومشيت رويدا فقال (عليه السلام):