سيدي قد ألبسوا جلباب الذلة وهم بين القوم أذلاء. فقال لي: يا بن المهزيار لتملكونهم كما ملكوكم وهم يومئذ أذلاء. فقلت: سيدي لقد بعد الوطن وطال المطلب. فقال: يا بن المهزيار أبي أبو محمد عهد إلي أن لا أجاور قوما غضب الله عليهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم، وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلا وعرها ومن البلاد إلا قفرها، والله مولاكم أظهر التقية فوكلها بي، فأنا في التقية إلى يوم يؤذن لي فأخرج. فقلت: يا سيدي متى يكون هذا الأمر؟
فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة، واجتمع الشمس والقمر واستدار بهما الكواكب والنجوم. فقلت: متى يا بن رسول الله؟ قال لي: في سنة كذا وكذا يخرج دابة الأرض من بين الصفا والمروة، ومعه عصا موسى وخاتم سليمان تسوق الناس إلى المحشر.
قال: فأقمت عنده أياما وأذن لي بالخروج بعد أن استقصيت لنفسي وخرجت نحو منزلي، والله لقد سرت من مكة إلى الكوفة ومعي غلام يخدمني فلم ير إلا خيرا وصلى الله على محمد وآله وسلم (1).
الخامس: ممن رآه في غيبته الصغرى: فيه عن أبي الأديان: كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وأحمل كتبه إلى الأمصار فدخلت عليه في علته التي توفي فيها فكتب معي كتبا فقال: تمضي بها إلى المدائن، فإنك ستغيب خمسة عشر يوما فتدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر وتسمع الواعية في داري وتجدني على المغتسل. قال أبو الأديان: فقلت: يا سيدي فإذا كان ذلك فمن؟ قال: من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم بعدي. فقلت: زدني؟
فقال: من يصلي علي فهو القائم بعدي. فقلت: زدني؟ فقال: من أخبر عما في الهميان فهو القائم من بعدي. ثم منعتني هيبته أن أسأله ما الهميان، وخرجت بالكتب إلى المداين وأخذت جواباتها ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما قال (عليه السلام) لي فإذا الواعية في داره وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار والشيعة حوله يعزونه ويهنئونه، فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد حالت الإمامة، لأني كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور، فتقدمت وعزيت وهنيت فلم يسألني عن شئ.