وإن الله عز وجل علمني علما لا يعلمه غيري وعلم ملائكته ورسله علما، فكل ما علمه ملائكته ورسله فأنا أعلمه، وأمرني الله أن أعلمه إياه ففعلت، فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره، وإنك يا بنية زوجته، وابناه سبطاي حسن وحسين وهما سبطا أمتي، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فإن الله عز وجل آتاه الحكمة وفصل الخطاب، يا بنية إنا أهل بيت أعطانا الله عز وجل ست خصال لم يعطها أحدا من الأولين كان قبلكم ولا يعطيها أحدا من الآخرين غيرنا: نبينا سيد الأنبياء والمرسلين وهو أبوك، ووصينا سيد الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة بن عبد المطلب عم أبيك ".
قالت: " يا رسول هو سيد الشهداء الذين قتلوا معه ".
قال: " لا، بل سيد شهداء الأولين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع الملائكة، وابناك حسن وحسين سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة، ومنا - والذي نفسي بيده - مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ".
قالت: " وأي هؤلاء الذين سميتهم أفضل؟ ".
قال: " علي أفضل أمتي بعدي وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد علي وبعدك وبعد ابني وسبطي حسن وحسين وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا وأشار إلى الحسين، منهم المهدي وإنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا "، ثم نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليها وإلى بعلها وإلى ابنيها فقال:
" يا سلمان أشهد الله أني سلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم، أما إنهم في الجنة معي " ثم أقبل على علي (عليه السلام) فقال: " يا أخي أنت ستبقى بعدي وستلقى من قريش شدة ومن تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فإن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، وإن لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بها إلى التهلكة فإنك مني بمنزلة هارون من موسى ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك فإنك بمنزلة هارون ومن تبعه وهم بمنزلة العجل ومن تبعه، يا علي إن الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة، فلو شاء الله لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الأمة ولا ينازع في شئ من أمره ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله، لو شاء لعجل النقمة وكان منه التغيير حتى يكذب الظالم ويعلم المحق أين مصيره ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، فقال (عليه السلام)