بيدي * استكبرت أم كنت من العالين) * (1) وبعضهم يقول هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة! فما عندك في هذا يا بن رسول الله؟ - وكان متكأ فاستوى جالسا - فقال: " اللهم عفوك عفوك " ثم قال:
" يا يونس من زعم أن لله وجها كالوجوه فقد أشرك، ومن زعم أن لله جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله فلا تقبلوا شهادته ولا تأكلوا ذبيحته، تعالى الله عما يصفه المشبهون بصفة المخلوقين، فوجه الله أنبياؤه وأولياؤه، وقوله: * (خلقت بيدي استكبرت) * فاليد القدرة كقوله:
* (وأيدكم بنصره) * (2) فمن زعم أن الله في شئ، أو على شئ، أو يحول من شئ إلى شئ، أو يخلو منه شئ أو يشتغل (3) به شئ فقد وصفه بصفة المخلوقين، والله خالق كل شئ، لا يقاس بالمقياس (4)، ولا يشبه بالناس، ولا يخلو منه مكان (5) قريب في بعده، بعيد في قربه، ذلك الله ربنا لا إله غيره، فمن أراد الله وأحبه بهذه الصفة فهو من الموحدين، ومن أحبه بغير هذه الصفة فالله منه برئ ونحن منه براء.
ثم قال (عليه السلام): إن أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله فإن حب الله إذا ورثته القلوب استضاء به وأسرع إليه (6) اللطف، فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد، فإذا صار من أهل الفوائد تكلم بالحكمة، فإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل بها في القدرة (7) فإذا عمل بها في الأطباق السبعة (8) فإذا بلغ هذه المنزلة يتقلب في لطف (9) وحكمة وبيان، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبته في خالقه، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى، فعاين ربه في قلبه، وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء. وورث العلم بغير ما ورث العلماء، وورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون، إن الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت وإن العلماء ورثوا العلم بالطلب، وإن الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة، فمن أخذ بهذه السيرة إما أن يسفل وإما أن يرفع، وأكثرهم الذي يسفل ولا يرفع، فإذا لم يرع حق الله، ولم يعمل بما أمر به فهذه صفة من لم يعرف الله حق معرفته، ولم يحبه حق محبته، فلا يغرنك صلاتهم وصيامهم، ورواياتهم وعلومهم، فإنهم حمر مستنفرة.