أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٩٩
وقال عليه السلام للحارث الهمداني - في وصيته له - " وخادع نفسك في العبادة، وارفق بها ولا تقهرها، وخذ عفوها ونشاطها، إلا ما كان مكتوبا عليك من الفريضة، فإنه لا بد من قضائها، وتعاهدها عند محلها ".
وقال الحسن بن علي العسكري عليه السلام: " إن للقلوب إقبالا وإدبارا، فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل، وإذا أدبرت فاقصروها على الفرائض ".
ولقد صدق عليه السلام ونصح، فإن القلوب إن لم تنشط وتقبل على العلوم والعبادات لم يبلغ منها المراد، ولهذا ذم الله تعالى المنافقين بقوله تعالى: ﴿ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون﴾ (١).
وقال تعالى في موضع آخر: ﴿وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا * مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء﴾ (2) فذم سبحانه وتعالى الكسل عند العبادة، والتردد بين أن يفعل وأن لا يفعل، فلم يبق أن يكون المراد إلا أن يقبل العبد بقلبه وجوارحه وعمله الخالص على ربه سبحانه، فيقبل حينئذ عليه ويعطيه سؤله ومراده.
فصل: وإذا كان من العلماء قراء القرآن المجيد - بل من خيارهم - فلنذكر حالهم وصفاتهم، مضافا إلى فضل قراءته، والتمسك به عند اختلاف الناس.
روى الشيخ الفقيه أبو الفتح الكراجكي رحمه الله في كتابه (كنز الفوائد) مرفوعا إلى الحارث الأعور قال: دخلت على أمير المؤمنين علي عليه السلام، فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا ترى الناس قد وقعوا إلى الأحاديث!
قال: " وقد فعلوها ".
قلت: نعم.
قال: " أما أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: سيكون بعدي فتنة، قلت فما المخرج منها يا رسول الله صلى الله [عليك] (3)؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، ما تركه من جبار إلا قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله تعالى، وهو حبل الله المتين،

١ - التوبة ٩: ٥٤.
٢ - النساء ٤: 142، 143.
3 - أثبتناه ليستقيم السياق.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»