أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٣٩
فقل: معاذ الله أن نقول ذلك أو نذهب إليه، ورسول الله صلى الله عليه وآله لم يرض من الناس التقليد دون الاعتبار، وما دعاهم إلا إلى الله بالاستدلال، ونبههم عليه بآيات القرآن من قوله سبحانه: ﴿أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ﴾ (١).
وقوله: ﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب﴾ (٢).
وقوله: ﴿وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾ (٣).
وقوله: ﴿أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت﴾ (4).
ونحن نعلم أنه ما أراد بذلك إلا نظر الاعتبار.
فلو كان عليه السلام إنما دعا الناس إلى التقليد، ولم يرد (منهم الاستدلال) (5)، لم يكن معنى لنزول هذه الآيات.
ولو كان أراد أن يصدقوه ويقبلوا قوله تقليدا بغير تأمل واعتبار، لم يحتج إلى أن يكون على يده ما ظهر من الآيات والمعجزات.
فأما قبول قوله صلى الله عليه وآله بعد قيام الدلالة على صدقه، فهو تسليم وليس بتقليد.
وكذلك قبولنا لما أتت به أئمتنا عليهم السلام، ورجوعنا إلى فتاويهم في [شريعة] (6) الإسلام.
فإن قال قائل: فأبن لنا ما التقليد في الحقيقة، وما التسليم؟ ليقع الفرق.
فقل: التقليد: قبول [قول] (7) من لم يثبت صدقه، ومأخوذ من القلادة.
والتسليم: هو قبول من ثبت صدقه، وهذا لا يكون إلا ببينة وحجة، والحمد لله.

١ - الأعراف ٧: ١٨٥.
٢ - آل عمران ٣: ١٩٠.
٣ - الذاريات ٥١: ٢٠، ٢١.
٤ - الغاشية ٨٨: ١٧.
٥ - في الأصل: الاستدلال عنهم، وما أثبتناه من كنز الفوائد.
6، 7 - أثبتناه من الكنز.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»