كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣١٤
أقول: اتفق المسلمون على أنه تعالى مريد لكنهم اختلفوا في معناه فأبو الحسين جعله نفس الداعي على معنى أن علمه تعالى بما في الفعل من المصلحة الداعية إلى الايجاد وهو المخصص والإرادة وقال النجار إنه سلبي وهو كونه تعالى غير مغلوب ولا مستكره وعن الكعبي أنه راجع إلى أنه تعالى عالم بأفعال نفسه وآمر بأفعال غيره وذهبت الأشعرية والحنابلة والجبائيان إلى أنه صفة زائدة على العلم والدليل على ثبوت الصفة مطلقا أن الله تعالى أوجد بعض الممكنات دون بعض مع تساوي نسبتها إلى القدرة فلا بد من مخصص غير القدرة التي شأنها الايجاد مع تساوي نسبتها إلى الجميع وغير العلم التابع للمعلوم وذلك المخصص هو الإرادة وأيضا بعض الممكنات مخصص بالإيجاد في وقت دون ما قبله وبعده مع التساوي فلا بد من مرجح غير القدرة والعلم.
قال: وليست زائدة على الداعي وإلا لزم التسلسل أو تعدد القدماء.
أقول: اختلف الناس هيهنا فذهبت الأشعرية إلى إثبات أمر زائد على ذاته قديم هو الإرادة والمعتزلة اختلفوا فقال أبو الحسين إنها نفس الداعي وهو الذي اختاره المصنف (ره) وقال أبو علي وأبو هاشم أن إرادته حادثة لا في محل وقالت الكرامية أن إرادته حادثة في ذاته والدليل على ما اختاره المصنف (ره) أن إرادته لو كانت قديمة لزم تعدد القدماء والتالي باطل فالمقدم مثله ولو كانت حادثة إما في ذاته أو لا في محل لزم التسلسل لأن حدوث الإرادة في وقت دون آخر يستلزم ثبوت إرادة مخصصة والكلام فيها كالكلام هيهنا.
المسألة الخامسة: في أنه تعالى سميع بصير قال: والنقل دل على اتصافه بالإدراك والعقل على استحالة الآلات.
أقول: اتفق المسلمون كافة على أنه تعالى مدرك واختلفوا في معناه فالذي ذهب إليه أبو الحسين أن معناه علمه بالمسموعات والمبصرات وأثبت الأشعرية وجماعة من المعتزلة صفة زائدة على العلم والدليل على ثبوت كونه تعالى سميعا بصيرا السمع فإن القرآن قد دل عليه وإجماع المسلمين على ذلك إذا عرفت هذا
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»