تغني عن غيرها وجميع ما أورده في هذا الفصل على طوله (1)، ومما يمكن أن يعتمد في فساد الاختيار خارجا عن الجملة التي عقدناها، أن يقال: إن العاقدين للإمامة يجوز أن يختلفوا فيرى بعضهم أن الحال يقتضي أن يعقد فيها للفاضل، ويرى آخرون أنها تقتضي العقد للمفضول، وهذا مما لا يمكن دفع جوازه، لأن الاجتهاد يجوز أن يقع فيه الاختلاف بحسب الإمارات التي تظهر للمجتهدين فلن يخلو من حالهم إذا قدرنا هذا الاختلاف من أمور، إما أن يقال: أن يقفوا عن العقد حتى يتناظروا ويتفقوا على كلمة واحدة، وهذا يؤدي إلى إهمال الأمر في الإمامة لأنه غير ممتنع أن يمتد الزمان باختلافهم. بل جائز أن يبقوا مختلفين أبدا، أو يقال: يجب أن يعقد كل فريق لمن يراه، وهذا يؤدي إلى إمامين مع العلم بفساده، أو يقال: يجب المصير إلى قول من يرى العقد للفاضل لأنه أولى، ويحرم على الباقين المخالفة. وهذا فاسد لأنه إلزام للمجتهد أن يترك اجتهاده إلى اجتهاد من يجري مجراه، فكيف يكون العقد للفاضل أولى على كل حال، وبعض من لا يتم العقد إلا به يرى أنه ولايته مفسدة وولاية غيره مصلحة، وإنما فرضنا أن يكون هذا الاختلاف بين العدد الذي لا يتم عند مخالفينا عقد الإمامة إلا به حتى لا يقولوا: متى عقد واحد لغيره برضى أربعة فهو إمام [سواء] (2) كان فاضلا أو مفضولا ولا يلتفت إلى من يعتقد من باقي الأمة أن العقد لغيره أولى لأنا إذا فرضنا الاختلاف بين هذا العدد المخصوص لم يستقم هذا الانفصال، وليس لأحد أن يقول: إن وقوف أمر الإمامة عند هذا الأمر المقدر إنما أتوا فيه من قبل أنفسهم كما يقولون إذا قيل لهم: إن الاختيار إذا كان لأهل الحق
(٧)