الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١١
فأما ادعاؤه اليقين والضرورة بإيمانه وانتقاله عن الكفر فليس يخلو من أن يدعي الضرورة في انتقاله إلى إظهار الإيمان والتصديق وأن يدعي الضرورة في إبطانه لذلك واعتقاده له وانطوائه عليه والأول لا خلاف فيه ولا ينفعه فيما قصد له والثاني ادعاؤه يجري مجرى المكابرة فإن البواطن لا يعلمها إلا علام الغيوب تعالى، ولو كان ذلك معلوما ضرورة بالإخبار على ما ادعى لوجب أن نشركه نحن وسائر العقلاء في هذا العلم لمشاركتنا في الطريق إليه وقوله: " إن في الاعتقادات ما يعلم ضرورة فلا يمتنع أن يكون هذا منها " يبطله ما بيناه من أن ذلك يوجب أن نشاركه في العلم، على أنا لو سلمنا أن اعتقاده لدين الرسول صلى الله عليه وآله وتصديقه في جميع شريعته كان معلوما منه ضرورة. من أين أنه كان إيمانا وعلما؟ وليس يمكنه أن يدعي الاضطرار في العلم كما ادعاه في الاعتقاد لأنه معلوم أن أحدا لا يضطر إلى كون غيره عالما وإن جاز أن يضطر إلى كونه معتقدا.
فأما قوله: " إن النبي صلى الله عليه وآله كان يعظمه ويمدحه على الحد الذي يعلم ذلك في أمير المؤمنين عليه السلام " فأول ما فيه. أن ذلك غير معلوم، ولا وارد من طريق يوجب اليقين، ويرفع الريب، وما نجد في ذلك إلا أخبار آحاد مظنونة (1) مقدوحا في ورودها بضروب القدح يرويها بعض الأئمة ويدفعها بعض آخر، ويقسم (2) على بطلانها، ثم هي مع ذلك متأوله مخرجة عن وجوه تمنع من الغرض المقصود بها.
ثم يقال له: ما في مدحه وتعظيمه لو ثبت مما يدل على صلاحه

(1) مبعوثة خ ل.
(2) ض " ويقيم ".
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»