الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٩٠
يكون ما ذكره صاحب الكتاب مفسدا لمذهبه، وكيف يكون كذلك، وأكثر ما استشهد به أن لفظة " مولى " أريد بها معنى الموالاة فيما تلاه من القرآن وذلك لا يحظر (1) أن يراد بها خلاف الموالاة في الخبر.
وقوله: " إن الموالاة في اللغة وإن كانت مشتركة فقد غلب عرف الشرع في استعمالها " في الوجه الذي ذكره مغالطة لأن لفظة الموالاة غير لفظة " مولى " والموالاة وإن كان أصلها في اللغة المتابعة فإن العرف قد خصصها بموالاة الدين ومتابعة النصرة فيه، ولفظة " مولى " خارجة عن هذا الباب وكلامنا إنما هو في لفظة " مولى " لا في الموالاة والنبي صلى الله عليه وآله لم يقل من كان يواليني فليوال عليا، بل قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه).
فأما استدلاله على ما ادعاه بقوله صلى الله عليه وآله (اللهم وال من والاه) فغير واجب أن يكون ما تقدم لفظة " مولى " محمولا على معنى الموالاة لأجل أن آخر الخبر تضمنها، لأنه لو صرح بما ذهبنا إليه حتى يقول: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه، أو من كنت طاعتي عليه مفترضة فطاعة علي عليه مفترضة، (اللهم وال من والاه) لكان كلاما صحيحا يليق بعضه ببعض ولسنا نعلم من أين ظن أن المراد بالكلام الأول لو كان إيجاب فرض الطاعة لم يلق بما تأخر عنه! فإنه من الظن البعيد، وادعاؤه إن عمر أراد بقوله: " أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة " ما ذهب إليه حتى جعل قوله دليلا على صحة تأويله، طريف لأن عمر لم يصرح بشئ يدل على ما يخالف مذهبنا ويوافق مذهبه، وإنما شهد لأمير المؤمنين عليه السلام بمثل ما تضمنه لفظ الرسول صلى الله عليه

(1) أي لا يمنع.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»