الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٨٧
فإن قيل: كيف يصح أن تجمعوا بين الطعن على ما ادعيناه من إيجاب النبي صلى الله عليه وآله في الخبر من الموالاة مثل ما وجب له، وبين القطع على أن لفظة " مولى " يجب مطابقتها لما قدره الرسول صلى الله عليه وآله لنفسه في المقدمة من وجوب الطاعة وعمومها في سائر الأمور، وجميع الخلق والطريق إلى تصحيح أحد الأمرين طريق إلى تصحيح الآخر؟
قلنا: إنا لم نوجب مطابقة لفظ " مولى " لمعنى المقدمة في الوجوه المذكورة من حيث يجب أن يكون ما أوجبه عليه مطابقا لما أوجبه له على ما ظنه مخالفونا وتعلقوا به في تأويل الخبر على الموالاة باطنا وظاهرا، وإنما أوجبنا ذلك من حيث صرح النبي صلى الله عليه وآله في المقدمة بتقريرهم بما يجب له من فرض الطاعة بلا خلاف، ثم عطف على الكلام بلفظ محتمل له يجري مجرى المثال الذي أوردناه في الشركة وأن من قدم ذكر شركة مخصوصة وعطف عليها محتملا لها كان ظاهر الكلام يفيد المعنى الأول، وجرى ما يأوله مخالفونا مجرى أن يقول القائل من غير تقدم مقدمة تتضمن ذكر شركة مخصوصة: من كنت شريكه ففلان شريكه، فكما أن ظاهر هذا القول لا يفيد إيجابه شركة فلان في كل ما كان شريكا فيه لغيره وعلى وجهه، ولم يمتنع أن يريد إيجاب شركته في بعض الشرك الذي بينه وبين غيره وعلى بعض الوجوه، ولم يجر هذا القول عند أحد من أهل اللسان في وجوب حمل المعنى الثاني على الأول مجرى أن يقول: فمن كنت شريكه ففلان شريكه بعد وقوله فلان وفلان حتى يذكر جميع شركائه - شركائي - في كذا وكذا وعلى وجه كذا فيذكر متاعا مخصوصا، وشركة مخصوصة، ولا يجري قوله: من كنت شريكه في كذا على وجه كذا ففلان شريكه، فكذلك ما ذكروه لا وجه فيه لإيجاب مثل ما كان للرسول صلى الله عليه وآله من الموالاة المخصوصة.
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»