عليه وأطاف به أهل الشام، فبينا هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) عليه أزاران ورداء من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة، بين عينيه سجدة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف بالبيت فإذا بلغ إلى الحجر تنحى الناس له حتى يستلمه هيبة له وإجلالا، فغاظ ذلك هشاما فقال لبعض أصحابه: سل من هذا الذي قد هابه الناس؟ فإني لا أعرفه وإنما قال ذلك: لئلا يرغب فيه أهل الشام والفرزدق يسمع كلامه فقال ارتجالا:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم (1) هذا علي رسول الله والده * أمست بنور هداه تهتدي الأمم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم ينمى إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الإسلام والعجم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم (2) يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم (3) أي القبائل ليست في رقابهم * لأولية هذا، أو له نعم بكفه خيزران ريحها عبق * من كف أروع في عرنينه شمم (4) من يعرف الله يعرف أولية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الأمم (5) مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم والشيم ينجاب نور الهدى عن نور غرته * كالشمس ينجاب عن إشراقها القتم (6)