فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق وقال: والله لأحرمنه العطاء وحبسه بعسفان بين مكة والمدينة، وبلغ ذلك علي بن الحسين (عليه السلام) فوجه إليه اثني عشر ألف درهم وقال: أعذر يا أبا فراس فلو كان عندنا في هذا المكان أكثر منها لأنفذناه إليك، فردها وقال: يا ابن رسول الله والله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله ولك ما كنت لأرزأ عليه شيئا، فأعادها إليه وقال له: بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك وشكر لك فعلك، ونحن أهل البيت إذا أنفذنا شيئا لم يرجع إلينا، فقبلها.
وأنفذ إليه عبد الله بن جعفر الطيار عشرة آلاف درهم وأقسم عليه أن يقبلها.
ثم إن الفرزدق هجا هشاما فقال:
أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوى منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينا له حولاء باد عيوبها (1) فأمر هشام بتخليته. وقال يرثي عبد الله بن جعفر الطيار:
ما للمنية لا تزال ملحة * تعدو علي وما أريد قتالها تسقي الملوك بكأس حتف مرة * ولتلبسنك إن بقيت جلالها أردت أغر من الملوك متوجا * ورث النبوة بدرها وهلالها أغنى العفاة بنائل متدفق * ملأ البلاد دوافعا فأسالها (2) * * *