البكاء من منزله، فبكيت، فخرج الحسن (عليه السلام) فقال: ألم أقل لكم انصرفوا؟! فقلت: لا والله يا ابن رسول الله ما تتابعني نفسي، ولا تحملني رجلي أن أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين صلوات الله عليه. قال:
فتلبث، فدخل، ولم يلبث أن خرج، فقال لي: ادخل، فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء، قد نزف واصفر وجهه، ما أدري وجهه أصفر أو العمامة، فأكببت عليه، فقبلته وبكيت، فقال لي: لا تبك يا أصبغ، فإنها والله الجنة، فقلت له: جعلت فداك إني أعلم والله أنك تصير إلى الجنة، وإنما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين، جعلت فداك حدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإني أراني لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا. فقال: نعم يا أصبغ، دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فقال لي: " يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي، ثم تصعد على منبري، ثم تدعو الناس إليك، فتحمد الله عز وجل وتثني عليه، وتصلي علي صلاة كثيرة، ثم تقول:
أيها الناس! إني رسول رسول الله إليكم، وهو يقول لكم: ألا إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أجره ". فأتيت مسجده، وصعدت منبره، فلما رأتني قريش ومن كان في المسجد أقبلوا نحوي، فحمدت الله، وأثنيت عليه وصليت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة كثيرة، ثم قلت:
أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم، وهو يقول لكم: ألا إن لعنة الله