التحفة العسجدية - يحيى بن الحسين بن القاسم - الصفحة ٣٨
تعالى: (الله خالق كل شئ) (1) (وهل من خالق غير الله) (2).
أجابت العدلية: إن مثل ذلك إنما سيق للتمدح بأنه الخالق الرازق، ايقاظا وتحريضا على ترك عبادة ما هو مخلوق له تعالى، كعبادة الأحجار والشمس والقمر وغيرها من المخلوقات، وأنه تعالى الحقيق بالعبادة دون كل مخلوق، وأنه الرازق دونهم.
ألا ترى إلى قوله تعالى في آخر قوله (هل من خالق غير الله) حيث قال: (يرزقكم من السماء والأرض) ولو كان الامر كما زعمتم أنه خالق الكفر والفساد، وظلم العباد لانعكس هذا التمدح، وصار في نقيض التمدح جليا، على أنا لو فرضنا أن ذلك لم يساق للتمدح، وأن لهم في ذلك تعلق، فذلك مخصص بأفعالنا الاختيارية، التي تحكم بها ضرورة العقول، فإن الرعشة بالبرد ليست كالرعشة بالاختيار ضرورة، ثم إنه يلزمكم خلق القرآن لأنه شئ، وجميع الصفات القديمة لديكم لأنها أشياء.
ثم نقول: ما خص نفسه وخروجه من العموم خص أفعالنا الاختيارية بالضرورة، ثم إن معنى قولكم: لا خالق إلا الله، لا فاعل للمعاصي إلا الله، تعالى الله عن ذلك، وأن العصاة منزهون عن نسبة القبائح إليهم ، ومعذورون في جميع الفواحش.

1 الزمر (62).
2 فاطر (3).
(٣٨)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»