التحفة العسجدية - يحيى بن الحسين بن القاسم - الصفحة ٣٤
تعالى: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) (1 ) فقد صرح بالغرض، وأنتم تنفونه، وصرح انه حكيم عليم، فنعتقد أن أفعاله كلها سبحانه لغرض صحيح، وحكمة وصواب، لهذه الأدلة وغيرها، وإن قصر علمنا وفهمنا عن وجه الحكمة في بعض الأشياء، فلا يمنع ذلك كونه حكمة في نفس الامر، ألا ترى إلى قوله تعالى جوابا على الملائكة لما خفي عليهم وجه الحكمة في جعله في الأرض خليفة: (إني أعلم من الله ما لا تعلمون) (2) أي اني أعلم من الحكمة والمصلحة مالا تعلمون، فعند ذلك يقول: (لا يسئل عما يفعل) (3) لأنه أعلم بالمصلحة والحكمة، فما ذكرتموا من مناظرة إبليس والملائكة غير وارد علينا، لأن له تعالى أن يختبر عباده، وإن كان عالما بما سيكون ليعلق الجزاء على الأعمال الظاهرة لئلا يكون لهم حجة (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) (4) يميزهم بالامتحان، وسائر البلاوي من وسوسة الشيطان وغير ذلك من الاختبارات (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة) (5).
وقضت حكمته باختبار من في السماء ومن في الأرض.
وقضت حكمته بالجزاء على الطاعة والعصيان، من غير أن نوجب

1 الملك (2).
2 البقرة (30).
3 الأنبياء (23).
4 آل عمران (179).
5 الأنفال (43).
(٣٤)
مفاتيح البحث: الموت (1)، المنع (1)، الهلاك (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»