الألزم لازم لكم، لأنكم تقرون بان الله تعالى قد خولف فيما امر به ، فما المانع أن يخالف فيما اراده عندكم! إنما ذلك مقتضى الحكمة في انزال الكتب، وارسال الرسل، فالامر أولى بأن تكون مخالفته لازمة للعجز، لأنه لا يتردد عند سماعه أن الآمر طلبه بخلاف الإرادة، فإنها لا تظهر مع عدم القرينة، ولأن الامر لا يكون إلا بعد الإرادة فهي من لوازمه قال تعالى: (إن الله يحكم ما يريد) (1 ) بعد قوله: (غير محلي الصيد).
وقالت العدلية أيضا إما ان يكون الله تعالى قادرا على أن يخلق للعبيد قدرة مؤثرة، أو غير قادر.
فإن قالت المجبرة: إنه غير قادر لزمهم أنه عاجز، والامر على خلافه، لان الله على كل شئ قدير.
وان قالوا: إنه قادر على ذلك.
قلنا: فقد فعل بشهادة ضرورة العقل، وشهادة صريح القرآن حيث يقول عز وجل: (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها) (2) فقد قضت حكمته بأن جعل الاختيار إليهم في عمل أيهما شاؤوا، ليستحقوا الثواب، أو العتاب، ولو منعه عن فعل المعصية والطاعة ، لم يستحق الثواب على فعل الطاعة، ولا العقاب على فعل المعصية، وبطل التكليف إذ هو ملجأ حينئذ، ثم إن قولكم:
لا يقع في ملكه مالا يريد، يرده أيضا قوله تعالى: (وما الله يريد