مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٣٥
توكيد الحكم (بحسب الانكار) أي بقدرة قوة وضعفا يعنى يجب زيادة التأكيد بحسب ازدياد الانكار إزالة له (كما قال الله تعالى حكاية عن رسل عيسى عليه السلام إذ كذبوا في المرة الأولى [انا إليكم مرسلون]) مؤكدا بان وإسمية الجملة (وفي) المرة (الثانية) ربنا يعلم ([انا إليكم لمرسلون] مؤكدا بالقسم وان واللام وإسمية الجملة لمبالغة المخاطبين في الانكار حيث قالوا ما أنتم الا بشر مثلنا وما أنزلنا الرحمن من شئ ان أنتم الا تكذبون وقوله إذ كذبوا مبنى على أن تكذيب الاثنين تكذيب الثلاثة والا فالمكذب أو لا اثنان.
(ويسمى الضرب الأول ابتدائيا والثاني طلبيا والثالث انكاريا و) يسمى (اخراج الكلام عليها) أي على الوجوه المذكورة وهي الخلو عن التأكيد في الأول و التقوية بمؤكد استحسانا في الثاني ووجوب التأكيد بحسب الانكار في الثالث (اخراجا على مقتضى الظاهر) وهو أخص مطلقا من مقتضى الحال لان معناه مقتضى ظاهر الحال فكل مقتضى الظاهر مقتضى الحال من غير عكس كما في صورة اخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر فإنه يكون على مقتضى الحال ولا يكون على مقتضى الظاهر.
(وكثيرا ما يخرج) الكلام (على خلافه) أي على خلاف مقتضى الظاهر (فيجعل غير السائل كالسائل إذا قدم إليه) أي إلى غير السائل (ما يلوح) أي يشير (له) أي لغير السائل (بالخبر فيستشرف) غير السائل (له) أي للخبر يعنى ينظر إليه يقال استشرف فلان الشئ إذا رفع رأسه لينظر إليه وبسط كفه فوق حاجبيه كالمستظل من الشمس (استشراف الطالب المتردد نحو ولا تخاطبني في الذين ظلموا) أي ولا تدعني يا نوح في شان قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك فهذا كلام يلوح بالخبر تلويحا ما ويشعر بأنه قد حق عليهم العذاب فصار المقام مقام يتردد المخاطب في أنهم هل صاروا محكوما عليهم بالاغراق أم لا فقيل (انهم مغرقون) مؤكدا أي محكم عليهم بالاغراق.
(و) يجعل (غير المنكر كالمنكر إذا لاح) أي ظهر (عليه) أي على غير المنكر
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»