مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٧٧
المندوف وفى الاصطلاح (ان يؤتى في عجز الكلام بمثنى مفسر باسمين ثانيهما معطوف على الأول نحو يشيب ابن آدم ويشب فيه خصلتان الحرص وطول الامل واما بذكر الخاص بعد العام) عطف على قوله اما بالايضاح بعد الابهام.
والمراد الذكر على سبيل العطف (للتنبيه على فضله) أي مزية الخاص (حتى كأنه ليس من جنسه) أي العام (تنزيلا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات) يعنى انه لما امتاز عن سائر افراد العام بماله من الأوصاف الشريفة جعل كأنه شئ آخر مغاير للعام لا يشمله العام ولا يعرف حكمه منه (نحو حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) أي الوسطى من الصلوات أو الفضلى من قولهم للأفضل الأوسط وهي صلاة العصر عند الأكثر (واما بالتكرير لنكتة) ليكون اطنابا لا تطويلا وتلك النكتة (كتأكيد الانذار في كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون).
فقوله كلا ردع عن الانهماك في الدنيا وتنبيه على أنه لا ينبغي للناظر لنفسه ان تكون الدنيا جميع همه وان لا يهتم بدينه وسوف تعلمون انذار وتخويف أي سوف تعلمون الخطاء فيما أنتم عليه إذا عاينتم ما قدامكم من هول المحشر وفى تكريره تأكيد للردع والانذار (وفى ثم) دلالة (على أن الانذار الثاني أبلغ) من الأول تنزيلا لبعد المرتبة منزلة بعد الزمان واستعمالا للفظ ثم في مجرد التدريج في درج الارتقاء (واما بالايغال) من أوغل في البلاد إذا أبعد فيها واختلف في تفسيره.
(فقيل هو ختم البيت بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها كزيادة المبالغة في قولها) أي في قول الخنساء في مرثية أخيها صخر (وان صخر التأتم) أي يقتدى (الهداة به، كأنه علم) أي جبل مرتفع (في رأسه نار) فقولها كأنه علم واف بالمقصود أعني التشبيه بما يهتدى به الا ان في قولها في رأسه نار زيادة مبالغة.
(وتحقيق) أي وكتحقيق التشبيه في قول امرء القيس (كان عيون الوحش حول خبائنا) أي خيامنا (وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب) الجزع بالفتح الحرز اليماني الذي فيه سواد وبياض شبه به عيون الوحش واتى بقوله لم يثقب تحقيقا للتشبيه لأنه إذا كان غير مثقوب كان أشبه بالعين قال الأصمعي الظبي والبقرة إذا كانا حيين
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»