بسم الله الرحمن الرحيم نحمدك يا من شرح صدورنا لتلخيص البيان في ايضاح المعاني، ونور قلوبنا بلوامع التبيان من مطالع المثاني، ونصلي على نبيك محمد المؤيد دلائل اعجازه بأسرار البلاغة، وعلى آله وأصحابه المحرزين قصبات السبق في مضمار الفصاحة والبراعة.
(وبعد) فيقول الفقير إلى الله الغني، مسعود بن عمر المدعو بسعد التفتازاني، هداه الله سواء الطريق، وأذاقه حلاوة التحقيق، اني قد شرحت فيما مضى تلخيص المفتاح، وأغنيته بالأصباح عن المصباح، وأودعته غرائب نكت سمحت بها الانظار، ووشحته بلطائف فقر سبكتها يد الأفكار، ثم رأيت الجمع الكثير من الفضلاء، والجم الغفير من الأذكياء، يسألونني صرف الهمة نحو اختصاره، والاقتصار على بيان معانيه وكشف أستاره، لما شاهدوا من أن المحصلين قد تقاصرت هممهم عن استطلاع طوالع أنواره، وتقاعدت عزائمهم عن استكشاف خبيئات أسراره، وان المنتحلين قد قلبوا أحداق الاخذ والانتهاب، ومدوا أعناق المسخ على ذلك الكتاب.
وكنت اضرب عن هذا الخطب صفحا، واطوى دون مرامهم كشحا، علما مني بان مستحسن الطبايع بأسرها، ومقبول الاسماع عن آخرها، أمر لا يسعه مقدرة