مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٣٨
كاف) لان انكار النفي نفى له و (نفى النفي اثبات وهذا) المعنى (مراد من قال الهمزة فيه للتقرير) أي لحمل المخاطب على الاقرار (بما دخله النفي) وهو الله كاف (لا بالنفي) وهو ليس الله بكاف فالتقرير لا يجب ان يكون بالحكم الذي دخلت عليه الهمزة بل بما يعرف المخاطب من ذلك الحكم اثباتا أو نفيا.
وعليه قوله تعالى أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله، فالهمزة فيه للتقرير أي بما يعرفه عيسى عليه السلام من هذا الحكم لا بأنه قد قال ذلك فافهم.
وقوله والانكار كذلك دل على أن صورة انكار الفعل ان يلي الفعل الهمزة، ولما كان له صورة أخرى لا يلي فيها الفعل الهمزة أشار إليها بقوله (ولانكار الفعل صورة أخرى وهي نحو " أزيدا ضربت أم عمروا " لمن يردد الضرب بينهما) من غير أن يعتقد تعلقه بغيرهما فإذا أنكرت تعلقه بهما فقد نفيته عن أصله لأنه لابد له من محل يتعلق به (والانكار اما للتوبيخ أي ما كان ينبغي ان يكون) ذلك الامر الذي كان (نحو " أعصيت ربك ") فان العصيان واقع لكنه منكر.
وما يقال انه للتقرير فمعناه التحقيق والتثبيت (أو لا ينبغي ان يكون في) أي ان يحدث ويتحقق مضمون ما دخلت عليه الهمزة وذلك في المستقبل (نحو " أتعصي ربك ") يعنى لا ينبغي ان يتحقق العصيان (أو للتكذيب) في الماضي (أي لم يكن نحو " أفأصفاكم ربكم بالبنين ") أي لم يفعل ذلك (أو) في المستقبل أي (لا يكون نحو " أنلزمكموها ") أي أنلزمكم تلك الهداية أو الحجة بمعنى أنكرهكم على قبولها ونقسركم على الاهتداء والحال انكم لها كارهون يعنى لا يكون منا هذا الالزام (والتهكم) عطف على الاستبطاء أو على الانكار، وذلك انهم اختلفوا في أنه إذا ذكر معطوفات كثيرة ان الجميع معطوف على الأول أو كل واحد عطف على ما قبله (نحو " أصلاتك تأمرك ان نترك ما يعبد آباؤنا ") وذلك أن شعيبا عليه السلام كان كثير الصلوات وكان قومه إذا رأوه يصلى تضاحكوا فقصدوا بقولهم " أصلاتك تأمرك " الهزء والسخرية لا حقيقة الاستفهام (والتحقيق نحو " من هذا ") استحقارا بشأنه مع انك
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»