مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٣٧
يكون مع من ظاهرة كما في قوله " من انى " عشرون لنا أي من أين أو مقدرة كما في قوله تعالى " انى لك هذا " أي من أين لك هذا على ما ذكره بعض النحاة.
(ثم إن هذه الكلمات الاستفهامية كثيرا ما تستعمل في غير الاستفهام) مما يناسب المقام بحسب معونة القرائن (كالاستبطاء نحو كم دعوتك والتعجب نحو " مالي لا أرى الهدهد ") لأنه كان لا يغيب عن سليمان عليه السلام الا باذنه فلما لا يبصره مكانه تعجب من حال نفسه في عدم إبصاره إياه.
ولا يخفى انه لا معنى لاستفهام العاقل عن حال نفسه وقول صاحب الكشاف انه نظر سليمان إلى مكان الهدهد فلم يبصره فقال مالي لا أراه على معنى انه لا يراه وهو حاضر لساتر ستره أو غير ذلك ثم لاح له انه غائب فاضرب عن ذلك واخذ يقول أهو غائب كأنه يسأل عن صحة ما لاح له يدل على أن الاستفهام على حقيقته.
(والتنبيه على الضلال نحو فأين تذهبون والوعيد كقولك لمن يسئ الأدب ألم أؤدب فلانا إذا علم) المخاطب (ذلك) وهو انك أدبت فلانا فيفهم معنى الوعيد والتخويف ولا يحمله على السؤال.
(والتقرير) أي حمل المخاطب على الاقرار بما يعرفه والجائه إليه (بايلاء المقرر به الهمزة) أي بشرط ان يذكر بعد الهمزة ما حمل المخاطب على الاقرار به (كما مر) في حقيقة الاستفهام من ايلاء المسؤول عنه الهمزة تقول أضربت زيدا في تقريره بالفعل وأنت ضربت في تقريره بالفاعل وأزيدا ضربت في تقريره بالمفعول وعلى هذا القياس.
وقد يقال التقرير بمعنى التحقيق والتثبيت فيقال أضربت زيدا بمعنى انك ضربته البتة (والانكار كذلك نحو " أغير الله تدعون ") أي بايلاء المنكر الهمزة كالفعل في قوله أيقتلني والمشرفي مضاجعي، والفاعل في قوله تعالى أهم يقسمون رحمة ربك، والمفعول في قوله تعالى أغير الله اتخذ وليا، وأغير الله تدعون.
واما غير الهمزة فيجئ للتقرير والانكار لكن لا يجرى فيه هذه التفاصيل ولا يكثر كثرة الهمزة فلذا لم يبحث عنه.
(ومنه) أي من مجئ الهمزة للانكار (نحو أليس الله بكاف عبده، أي الله
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»