مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٢٩
الباب السادس في الانشاء اعلم أن الانشاء قد يطلق على نفس الكلام الذي ليس لنسبته خارج تطابقته أو لا تطابقته وقد يقال على ما هو فعل المتكلم أعني القاء مثل هذا الكلام كما أن الاخبار كذلك.
والأظهر ان المراد ههنا هو الثاني بقرينة تقسيمه إلى الطلب وغير الطلب وتقسيم الطلب إلى التمني والاستفهام وغيرهما والمراد بها معانيها المصدرية لا الكلام المشتمل عليها بقرينة قوله واللفظ الموضوع له كذا وكذا لظهور ان لفظ ليت مثلا يستعمل لمعنى التمني لا لقول ليت زيدا قائم فافهم.
فالانشاء ان لم يكن طلبا كأفعال المقاربة وأفعال المدح والذم وصيغ العقود والقسم ورب ونحو ذلك فلا يبحث عنها ههنا لقلة المباحث المناسبة المتعلقة بها ولان أكثرها في الأصل اخبار نقلت إلى معنى الانشاء فالانشاء (ان كان طلبا استدعى مطلوبا غير حاصل وقت الطلب) لامتناع طلب الحاصل فلو استعمل صيغ الطلب لمطلوب حاصل امتنع إجراؤها على معانيها الحقيقية ويتولد منها بحسب القرائن ما يناسب المقام.
(وأنواعه) أي الطلب (كثيرة منها: التمني) وهو طلب حصول شئ على سبيل المحبة (واللفظ الموضوع له ليت ولا يشترط امكان المتمني) بخلاف الترجي (كقولك ليت الشباب يعود يوما) فأخبره بما فعل المشيب ولا تقود لعله يعود لكن إذا كان المتمني ممكنا يجب ان لا يكون لك توقع وطماعية في وقوعه والا لصار ترجيا.
(وقد يتمنى بهل نحو هي لي من شفيع حيث يعلم أن لا شفيع له) لأنه
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»