شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ٤٩
وهذا البيت قبله بيت وهو [من المنسرح]:
نحن حبسنا بنى جديلة في * نار من الحرب جحمة الضرم نستوقد النبل الخ وأوردهما أبو تمام في أوائل الحماسة (1)، ونسبهما إلى بعض بنى بولان من طي، وبولان - بفتح الموحدة وسكون الواو - علم مرتجل من البول. قال أبو العلاء المعرى: يجوز أن يكون اشتقاقه من البال، وهو الخلد والحال، وجديلة - بفتح الجيم - حي من طي، وهو المراد هنا، وجديلة حي من الأزد أيضا، وحى من قيس عيلان أيضا، وجحمة - بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة - مصدر جحمت النار، فهي جاحمة: أي اضطرمت والتهبت، ومنه الجحيم، والضرم - بفتحتين - التهاب النار، وقد ضرمت واضطرمت وتضرمت. يقول: حبسنا هؤلاء القوم على نار من الحرب شديدة الاضطرام والالتهاب وقوله " نستوقد النبل: الخ " نستوقد بالنون، والنبل - بفتح النون - السهام مفعولة، يقول: تنفذ سهامنها في الرمية حتى تصل إلى حضيض الجبل فتخرج النار، لشدة رمينا وقوة سواعدنا، ونصيد بها نفوسا مبنية على الكرم، يعنى أنا نقتل الرؤساء، وهذا من فصيح الكلام، كأنه جعل خروج النار من الحجر عند ضربهم النبل له استيقادا منهم لها، والحضيض: قرار الجبل وأسفله، وروى " تستوقد النبل " (2) بالمثناة الفوقية، والنبل فاعله، وروى أبو محمد

(1) انظر شرح الحماسة للتبريزي (ج 1 ص 86) فقد أخذ المؤلف أكثر ما كتبه على هذا الشاهد منه وإن لم يجر ذكره (2) أشار التبريزي في الموضع المذكور إلى هذه الرواية ولكنه جعل فاعل تستوقد ضميرا مستترا عائدا إلى الحرب في البيت السابق وجعل النبل منصوبا على أنه مفعول به
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»