شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ٢٨٠
تقول: مضت جمادى بما، فإن جاء تذكير جمادى في شع فهو ذهاب إلى معنى الشهر، وهي غير مصروفة للتأنيث والعلمية، والأولى والآخرة صفة لها، فإن الآخرة بمعنى المتأخرة، ولا يقال: جمادى الأخرى، لان الأخرى بمعنى الواحدة فتتناول المتقدمة والمتأخرة فيخصل اللبس، ويحكى أن العرب حين وضعت الشهور وافق وضع الأزمنة فاشتق للشهر معان من تلك الأزمنة، ثم كثر حتى استعملوها في الأهلة وإن لم توافق ذلك الزمان، فقالوا: رمضان، لما أرمض الأرض من شدة الحر، وشوال، لما شالت الإبل بأذنابها للطروق، وذو القعدة لما ذللوا القعدان للركوب، وذو الحجة لما حجوا، والمحرم، لما حرموا القتال والتجارة، وصفر لما غزوا فتركوا ديار القوم صفرا، وشهر ربيع، لما أربعت الأرض وأمرعت، وجمادى، لما جمد الماء، ورجب لما رجبوا الشجر، وشعبان لما أشعبوا العود " وقوله " ذات أندية " بجر ذات بمعنى صاحب صفة لليلة، وأندية جمع ندى، وهو أصل المطر، والندى البلل، وبعضهم يقلو ما سقط آخر الليل فهو ندى، وأما الذي يسقط أوله فهو السدى: - بفتح السين المهملة - على وزنه من باب تعب، فهي ندية مثل تقية، ويعدى بالهمزة والتضعيف، وجملة " لا يبصر الحيوانات الكلب الخ " صفة أخرى لليلة، وخص الكلب المدجج الذي لا يبين إلا عيناه، والطنب - بضمتين، وسكون النون - لغة، وهو الحبل الذي تشد به الخيمة ونحوها، والجمع أطناب كعنق وأعناق، وقول العوام طنب - بفتحتين - لا أصل له، و " في " متعلقة يبصر، وروى بدلها " من " وهي بمعناها وقال العيني: للتعليل، والظلماء هنا بمعنى الظلمة، ويأتي وصفا أيضا يقال: ليلة ظلماء والليلة الظلماء، وقوله لا ينبح الكلب إلخ من باب ضرب، وفى لغة من باب نفع، والنباح - بالضم -: صوته، والخيشوم الانف، وإنما يلف ذنبه
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»