شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٥
الرحمن، وعنه أن " ألم " معناه أنا الله أعلم، ونحو ذلك في سائر الفواتح، وعنه أن الألف من الله، واللام من جبريل والميم من محمد: أي القرآن منزل من الله عز وجل بلسان جبريل على محمد صلى الله تعالى عليهما وسلم " انتهى.
ومنهم ابن جنى قاله في باب (شجاعة العربية) (1) من الخصائص، وقال أيضا في المحتسب عند توجيه قراءة (يا حسره على العباد) من سورة يس: " قرأ جماعة (يا حسره) بالهاء ساكنة، وفيه نظر، لان قوله (على العباد) متعلقة بها أو صفة لها، وكلاهما لا يحسن الوقوف عليها دونه، ووجهه عندي أن العرب إذا أخبرت عن الشئ غير معتمد ولا معتزمة عليه أسرعت فيه، ولم تتأن على اللفظ المعبر به عنه، وذلك كقوله:
* قلنا لها قفى، فقالت: قاف * معناه وقفت، فاقتصر من جملة الكلمة على حرف منها تهاونا بالحال وتثاقلا عن الإجابة واعتماد المقال... إلى آخر ما ذكره ".
وذهب جماعة إلى أن هذا ضرورة لا يجوز في فصيح الكلام، قال المبرد بعد ما نقلناه عنه: " وهذا ما تستعمله الحكماء، فإنه يقال: إن اللسان إذا كثرت حركته رقت عذبته (2).... إلى آخر ما ذكره " ومنهم أبو الحسن الأخفش، قال فيما كتبه على نوادر أبى زيد: " وهذا الحذف كالايماء والإشارة، يقع من بعض العرب لفهم بعض عن بعض ما يريد، وليس هذا هو البيان، لان البيان ما لم يكن محذوفا وكان مستوفى شائعا، حدثنا أبو العباس المبرد قال: حدثنا أصحابنا عن الأصمعي قال: كان أخوان من العرب يجتمعان في موضع لا يكلم أحدهما الاخر إلا في وقت النجعة (3)، فإنه يقول

(1) كذا، وانظر الخصائص (1: 299) (2) عذبة اللسان طرفه الدقيق، يريد درب على الكلام ومرن عليه (3) النجعة - بالضم -: طلب الكلأ من مواضعه، ويتجوز به في غير ذلك
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»