شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٣
وشركت الألف الهاء كشركتها في قوله " أنا "، بينوها بالألف كبيانهم بالهاء في هية وهنة وبغلتية، قال الراجز:
بالخير خيرات وإن شرا فان * ولا أريد الشر إلا أن تا يريد إن شرا فشر، ولا أريد الشر إلا أن تشاء " انتهى كلامه.
قال الأعلم: " الشاهد في لفظه بالفاء " من قوله " فشر " والتاء من قوله " تشاء " ولما لفظ بهما وفصلهما مما بعدهما ألحقهما الألف للسكت عوضا من الهاء التي يوقف عليها، كما قالوا " أنا " و " حيهلا " في الوقف، والمعنى أجزيك بالخير خيرات، وإن كان منك شر كان منى مثله، ولا أريد الشر إلا أن تشاء، فحذف لعلم السامع " انتهى.
وكذا أورده المبرد في الكامل قال: " حدثني أصحابنا عن الأصمعي، وذكره سيبويه في كتابه، ولم يذكر قائله، ولكن الأصمعي قال: كان أخوان متجاوران لا يكلم واحد منهما صاحبه سائر سنته حتى يأتي وقت الرعى فيقول أحدهما للاخر " ألا تا " فيقول الاخر " بلى فان " يريد ألا تنهض فيقول الاخر: بلى فانهض، وحكس سيبويه في كتابه * بالخير خيرات وإن شرا فان * الخ يريد إن شرا فشر ولا أريد الشر إلا أن تريد " انتهى.
وهذا على رواية الألف الواحدة، وأما الرواية بألف بعد همزة في البيت فقد قال ابن جنى في سر الصناعة: " أنشدنا أبو علي:
بالخير خيرات وإن شرا فأا * ولا أريد الشر إلا أن تأا والقول في ذلك أنه يريد " فان " و " تا " ثم زاد على الألف ألفا أخرى توكيدا كما تشبع الفتحة، فتصير ألفا كما تقدم، فلما التقت ألفان حرك الأولى فانقلبت همزة، وقد أنشدنا أيضا " فان " و " تا " بألف واحدة " انتهى.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»